إنه أمر لا يصدق كيف ينمو طفلكِ بسرعة كبيرة! فقد كان طفلاً جداً منذ وقت ليس ببعيد، وهو الان يقترب من عمر نصف عام. الآن ستلاحظين عليه العديد من الأشياء الجديدة مثل الابتسامات اللطيفة والزحف وظهور أول سن عنده ثم سيصبح جاهزاً للفطام في عمر ستة أشهر تقريباً. قد تقلقين أيضاً عندما يصاب طفلكِ بالمرض لأول مرة، وخاصة إذا كان عليه الذهاب إلى مركز رعاية الأطفال الرضع. بعد كل ذلك، سيتطور الجهاز المناعي عنده ليواجه تحديات التعرض لمختلف الجراثيم المسببة للأمراض. والسؤال هنا، هل جميع البكتيريا خطيرة؟

ليست كل البكتيريا مخيفة

صحيح أن البكتيريا والفيروسات مسؤولة عن العديد من الالتهابات. ولكن، هناك العديد من الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش داخل أمعاء طفلكِ وهي مفيدة جداً للصحة. يتكون هذا "المجتمع" من الميكروبات، المعروف باسم ميكروبيوم، من كائنات دقيقة نافعة (متوازنة) وأخرى ضارة (مسببة للأمراض)، إضافة إلى البكتيريا والفيروسات والفطريات. إن أول تعرض للطفل لهذه الكائنات الحية الدقيقة يكون أثناء الولادة، حيث يمر الطفل عبر قناة ولادة الأم. يحتوي الجسم السليم على بكتيريا متوازنة حيث يوجد العديد من بكتيريا الأمعاء “النافعة” التي تبعد البكتيريا "الضارة”. ومع ذلك، عندما يختل التوازن، نتيجة اتباع نظام غذائي غير صحي أو حدوث مرض ما، فقد يتعرض الجهاز المناعي للخطر ويجعل الجسم أكثر عرضة للأمراض.¹

ما هي الأمعاء الصحية وكيف تساعد جهاز المناعة؟

القناة الهضمية هي مصطلح يشير إلى الجهاز الهضمي الذي يشمل المعدة والأمعاء الدقيقة والقولون. فالجهاز الهضمي مسؤول عن تحطيم وامتصاص العناصر الغذائية من الطعام الذي نتناوله، ويقوم بالتخلص من النفايات والسموم، حتى يتمكن الجسم من العمل بشكل طبيعي ويبقينا بصحة جيدة.

تتميز الأمعاء الصحية بوجود ميكروبيوم قوي ومتوازن يحتوي على أعداد كافية من البكتيريا "النافعة"² وغيرها من الميكروبات. إضافة إلى ذلك، يمكن العثور على نسبة كبيرة من الجهاز المناعي في بطانة الجهاز الهضمي.³ يحافظ كلاً من الجهاز المناعي وبكتيريا الأمعاء على صحة الجسم. فمثلاً، يقوم ميكروبيوم الأمعاء "بتدريب" الخلايا المناعية التي تسمى (خلايا الدم البيضاء) لمعرفة الفرق بين أنسجة الجسم السليمة و"الغزاة" الخطرين. وقد وجدت الأبحاث الحديثة أن ميكروبيوم الأمعاء يؤثر على طريقة استجابة الجهاز المناعي لفيروس كوفيد-19. ⁴

 الآن بعد أن تعرفتي على أهمية الأمعاء الصحية لمناعة طفلكِ وصحته العامة، نحن متأكدون بأنكِ مستعدة لضمان صحة أمعاء طفلكِ بحالة جيدة.

الفطام لدعم صحة الأمعاء

ما تعطيه لطفلكِ من طعام خلال مرحلة الفطام سيحافظ على صحتهِ وصحة أمعائه أيضاً. يمكنكِ القيام بذلك عن طريق تغذية ميكروبات الأمعاء بالبريبايوتك وإضافة المزيد من الكائنات الحية الدقيقة إلى الميكروبيوم الخاص بطفلكِ بواسطة البروبيوتيك.⁵

توجد البريبايوتك في معظم الفواكه والخضروات البقوليات وغيرها من الأطعمة النباتية. فكري في البريبايوتك على أنها "غذاء" لميكروبات الأمعاء التي تساعد على تغذية ودعم ميكروبيوم الأمعاء الصحي. تحتوي البريبايوتك على كربوهيدرات معقدة غير قابلة للهضم مثل الألياف. تمر هذه الكربوهيدرات عبر القناة الهضمية لتغذي الميكروبات التي تعيش فيها. هناك الكثير من الأطعمة الغنية بالبريبايوتك6 التي يمكنكِ تحضيرها لطفلكِ في عمر ستة أشهر أثناء مروره بمرحلة الفطام، مثل:

• البازلاء الخضراء: قومي بطهيها على البخار قليلاً واهرسيها حتى تصبح ناعمة.
• الحمّص: يُسلق أو يُطهى أولاً على البخار، ثم اهرسيه بعد يصبح طرياً. أضيفي خضروات أخرى مثل الجزر المطهو ​​على البخار إلى الطعام. يمكنكِ جعل الطعام المهروس أكثر طراوة بإضافة بالماء أو الحليب.
• العدس: حضري شوربة العدس مع الأرز.
• الفواكه: هريس التفاح، الكمثرى، البرتقال، الموز أو المانجو.
• الحبوب مثل الشوفان والشعير والكسكس.

لا تعطي طفلكِ الكثير من الأطعمة الغنية بالألياف عندما يبدأ في الفطام، لأنها ستربك الجهاز الهضمي غير الناضج. ننصحكِ بإضافة هذه الأطعمة تدريجياً إلى طعام طفلكِ.

تكون البروبيوتيك في الغالب على شكل مكملات غذائية وحليب صناعي وزبادي. إذا كان هناك حاجة لإعطاء طفلكِ مكملات البروبيوتيك، فإن طبيب الأطفال سينصحكِ بذلك.

طرق أخرى للاعتناء بصحة أمعاء الطفل

إضافة إلى التغذية، هناك طرق أخرى لتعزيز نمو الجهاز المناعي لدى الطفل وصحة الأمعاء.

• اقتناء حيوان أليف: أظهرت دراسة أجريت على أكثر من 750 طفل رضيع أن امتلاك حيوان أليف له علاقة بزيادة في نوعين من ميكروبات الأمعاء النافعة - Ruminococcus وOscillospira. تأكدي أن عائلتكِ مستعدة لتحمل مسؤولية رعاية حيوان أليف قبل إحضاره.
• تجنب المضادات الحيوية قدر الإمكان: يمكن أن يؤدي الاستخدام الطويل للمضادات الحيوية إلى التخلص من التوازن الموجود في الميكروبيوم الخاص بطفلكِ عن طريق قتل البكتيريا النافعة.⁸ إذا لم يصف الطبيب ذلك، تجنبي إعطاء المضادات الحيوية لطفلكِ.
• السماح للطفل بالتواصل مع البيئة: عندما يبدأ طفلكِ بالزحف ويستخدم حواسه للاستكشاف والتعلم، ستقومين بتعقيم وتنظيف كل شيء يحيط ببيئة طفلكِ. ولكن هل تعلمين أن التعرض للجراثيم الجيدة والسيئة، يجعل جهاز المناعة لدى طفلكِ أكثر قوة؟ طالما أنكِ تدعمين صحة أمعاء طفلكِ بالتغذية السليمة، فلا داعِ لتعقيم كل ما يلمسه طفلكِ.

_{المصادر:
¹ هارفارد تي.إتش. كلية تشان للصحة العامة. الميكروبيوم. آخر مراجعة للمعلومات في 24 فبراير 2022 من https://www.hsph.harvard.edu/nutritionsource/microbiome/
² فيك هيلث. كيفية تحسين صحة الأمعاء. آخر مراجعة للمعلومات في 24 فبراير 2022 من https://www.vichealth.vic.gov.au/be-healthy/how-to-improve-your-gut-health
3 فيلدز، هـ. القناة الهضمية: حيث تلتقي البكتيريا وجهاز المناعة. كلية جونز هوبكنز. آخر مراجعة للمعلومات في 24 فبراير 2022 من  https://www.hopkinsmedicine.org/research/advancements-in-research/fundamentals/in-depth/the-gut-where-bacteria-and-immune-system-meet
⁴ المجلة الطبية البريطانية. قد يؤثر تكوين الميكروبيوم المعوي على شدة كوفيد-19 والاستجابة المناعية. آخر مراجعة للمعلومات في 24 فبراير 2022 من https://www.bmj.com/company/newsroom/make-up-of-gut-microbiome-may-influence-covid-19-severity-and-immune-response/
5 مايو كلينيك. البريبايوتيك والبروبيوتيك وصحتكِ. تم النشر في 21 فبراير 2021. وآخر مراجعة للمعلومات في 24 فبراير 2022 من https://www.mayoclinic.org/prebiotics-probiotics-and-your-health/art-20390058
⁶ جامعة موناش. نظام البريبايوتيك الغذائي: الأسئلة الشائعة. آخر مراجعة للمعلومات في 24 فبراير 2022 من https://www.monash.edu/medicine/ccs/gastroenterology/prebiotic/faq
⁷تون، هـ. وآخرون. يمكن أن يؤثر التعرض للحيوانات الأليفة ذات الفراء المنزلية بشكل كبير على الكائنات الحية الدقيقة في الأمعاء لدى الرضع، خاصة في عمر 3-4 أشهر. الميكروبيوم. تم النشر في 6 أبريل 2017. وآخر مراجعة للمعلومات في 22 أبريل 2022 من https://microbiomejournal.biomedcentral.com/articles/10.1186/s40168-017-0254-x
⁸ ماكدونيل وآخرون. العلاقة بين المضادات الحيوية وخلل الميكروبات المعوي لدى الأطفال: المراجعة المنهجية والتحليل التلوي. ميكروبات الأمعاء. تم النشر في ديسمبر 2021. آخر مراجعة للمعلومات في 24 أبريل 2022 من https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/33651651/}