يلعب الجهاز الهضمي لطفلكِ دوراً مهماً في صحته العامة - حيث يتم فيه تلقي جميع العناصر الغذائية ومعالجتها وتوزيعها لتغذية الجسم. لكن هل تعلمي أن هناك علاقة خاصة بين الجهاز الهضمي لطفلكِ ودماغه، والمعروفة باسم محور الأمعاء والدماغ؟ كما يُعرف أيضاً باسم الجهاز العصبي المعوي، لدرجة أن العلماء يطلقون على الجهاز الهضمي اسم الدماغ الثاني¹. دعونا نلقي نظرة أعمق على آلية تواصل الأمعاء والدماغ وما يعنيه ذلك بالنسبة لصحة طفلكِ الذي يبلغ من العمر 13 إلى 15 شهراً.

التفسير العلمي لتواصل الأمعاء والدماغ معاً

تتواصل الأمعاء مع الدماغ بواسطة الناقلات العصبية، والتي تعمل كرسائل كيميائية تسهل تبادل المعلومات بينهما. الناقلات التي يتم إنتاجها في الدماغ (مثل السيروتونين) تؤثر على المشاعر والعواطف. ومن المثير للاهتمام أن الأمعاء تنتج أيضاً ناقلات عصبية تنتقل عبر الجهاز العصبي المركزي والذي يتكون من ملايين الأعصاب والخلايا العصبية والناقلات العصبية التي تبطن الأمعاء. يمتد الجهاز العصبي المركزي من المريء (الأنبوب الذي ينقل الطعام والسوائل من الحلق إلى المعدة) إلى المستقيم، ويتضمن العصب المبهم، الذي يتصل بمنطقة ما تحت المهاد في الدماغ التي تتحكم في الجوع والعواطف.²

تخيلوا العصب المبهم كخط هاتف طويل يصل بين الدماغ والأمعاء.³ تتحدث الأمعاء والدماغ مع بعضهما البعض عبر العصب المبهم الذي يعتبر أساسياً لتواصل الأمعاء والدماغ. فمثلاً، أظهرت الدراسات التي أجريت على الحيوانات أن الإجهاد (الذي ينشأ من منطقة ما تحت المهاد في الدماغ) يؤثر على العصب المبهم، وبالتالي يقلل من وظيفته ويؤدي إلى مشاكل في الجهاز الهضمي.⁴

تأثير الأمعاء على الدماغ

هناك عنصر مهم آخر في محور الأمعاء والدماغ يتكون من عدد ضخم من البكتيريا والكائنات الحية الدقيقة الأخرى الموجودة في أمعاء طفلكِ (ميكروبيوم الأمعاء).²

إليكِ بعض الأشياء التي نعرفها عن كيفية تأثير ميكروبيوم الأمعاء على الدماغ.^{5، 6، 7، 8}

• تنتج الأمعاء مواد كيميائية معينة تؤثر على وظيفة الدماغ، مثل الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة مثل الزبدات والبروبيونات التي تؤثر على تنظيم الدماغ للشهية.
• تشجع الأمعاء الخلايا المناعية فيها على إنتاج السيتوكينات التي تنتقل إلى الدماغ عن طريق الدم. السيتوكينات هي نوع من البروتين الذي يحفز الجهاز المناعي للقيام بعمله.
• يستخدم الدماغ المواد الكيميائية العصبية التي تنتجها بكتيريا الأمعاء لتنظيم الأنشطة الادراكية مثل الذاكرة والتعلم.
• يتم إنتاج خمسة وتسعين بالمائة من مادة السيروتونين في الجسم، والتي تؤثر على الحالة المزاجية، عن طريق بكتيريا الأمعاء.

ونظراً لهذه العلاقة المعقدة بين الأمعاء والميكروبيوم فيها والدماغ، يجب على الآباء أن يحافظوا على صحة أمعاء أطفالهم لضمان صحتهم العامة وسعادتهم.

كيفية دعم نمو الجهاز الهضمي لطفلكِ

عند الولادة، تسكن أمعاء طفلكِ ملايين الميكروبات التي تشكل ميكربيوم الأمعاء. يمكن أن يحدث هذا بواسطة الولادة الطبيعية، أو الولادة القيصرية.⁹

 يعد تطوير الميكروبيوم الصحي أمراً ضرورياً لتطور الجهاز الهضمي لطفلكِ. وفقاً للدراسات، تحدث ثلاث مراحل من استيطان الأمعاء الميكروبية عند الطفل بعد الولادة وتمتد لأربع سنوات: مرحلة النمو من ثلاثة إلى 14 شهراً، مرحلة انتقالية من 15 إلى 30 شهراً، ومرحلة مستقرة من 31 شهراً وفوق.¹⁰

ولأن طفلكِ الصغير الآن في المرحلة الانتقالية، فمن المهم رعاية أمعائه، والحفاظ على تغذية تلك البكتيريا الجيدة. واحدة من أفضل الطرق للقيام بذلك هي من خلال التغذية، وخصوصاً الأطعمة الغنية بالبريبايوتكس بشكل طبيعي والتي تغذي تلك الميكروبات الصديقة. تحتوي معظم الفواكه والخضروات الغنية بالألياف على البريبايوتك، مثل الموز والخضروات والثوم. وهناك مصادر جيدة أخرى للبريبايوتك هي الحبوب الكاملة والزبادي وسكريات حليب الأم وألياف البريبايوتك FOS الموجودة في الحليب الاصناعي. استشيري الطبيب حول دعم أمعاء طفلكِ بمكملات البروبيوتيك والتي تعتبر هي كائنات حية دقيقة مفيدة جداً.

إن ضمان عدم تعرض طفلكِ لمواقف صعبة سيساعده في الحفاظ على صحة الميكروبيوم. فقد أظهرت الدراسات أن التعرض للتوتر يمكن أن يسبب عدم توازن الميكروبيوم.¹¹

_{المصادر:
¹ مستشفى جون هوبكنز. اتصال الدماغ مع الأمعاء. آخر مراجعة للمعلومات في 5 مارس 2022 من https://www.hopkinsmedicine.org/health/wellness-and-prevention/the-brain-gut-connection
² ليما - أوجيدا، جيه وآخرون. بكتيريا الأمعاء الصحية، الدماغ السعيد: محور الأمعاء الدقيقة والدماغ. مجلة “فرونتيرز فور يونج مايندز”. تم النشر في 11 فبراير 2019. آخر مراجعة للمعلومات في 5 مارس 2022 من .
³ بريت، س. وآخرون. العصب المبهم كمُعدِّل لمحور الدماغ والأمعاء في الاضطرابات النفسية والالتهابية. مجلة “فرونتيرز إن سايكايتري”. تم النشر في 13 مارس 2018. آخر مراجعة للمعلومات في 5 مارس 2022 من 
⁴ سحر، ت. وآخرون. التعديل المبهم للاستجابات التحدي العقلي في اضطراب ما بعد الصدمة. بيول. الطب النفسي. تم النشر في 1 أبريل 2001. آخر مراجعة للمعلومات في 5 أبريل 2022 من https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/11297721/
⁵ كلارك، ج ​​وآخرون. مقالة مصغرة: الأمعاء الدقيقة: جهاز الغدد الصماء المهمل. مول الغدد الصماء. تم النشر في أغسطس 2014. آخر مراجعة للمعلومات في 5 مارس 2022 من https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC5414803/
⁶  وآخرون. التحكم في الشهية وتناول الطاقة بواسطة الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة: ما هي الآليات الأساسية المحتملة؟ مجلة “بروسيدينجس أوف ذا نيوتريشن سوسايتي”. تم نشره في ديسمبر 2014. آخر مراجعة للمعلومات في 5 مارس 2022 من https://www.cambridge.org/core/journals/proceedings-of-the-nutrition-society/article/control-of-appetite-and-energy-intake- بواسطة-scfa-ما هي-الآليات-الأساسية-المحتملة/A1EFBE12AD6F9838EBE3D7314D1EE1B4
⁷هاوز، إل. كيف يمكن لأمعائك أن تعدل عقلك. مجلة الأخبار الكيميائية والهندسية. تم النشر في 8 أبريل 2020. آخر مراجعة للمعلومات في 5 مارس 2022 من https://cen.acs.org/biological-chemistry/microbiome/gut-might-modify-mind/97/i14
⁸ كاربنتر، س. أنصت لشعور أمعائك. مراقبة علم النفس: منشورات جمعية علم النفس الأمريكية. تم النشر في سبتمبر 2012. آخر مراجعة للمعلومات في 5 مارس 2022 من https://www.apa.org/monitor/2012/09/gut-feeling
⁹ هانت، ك. الأطفال المولودون بعملية قيصرية لديهم كمية أقل من بكتيريا أمعاء أمهاتهم. وهنا لماذا يعتبر ذلك مهماً. سي إن إن - الصحة. تم النشر في 19 سبتمبر 2019. آخر مراجعة للمعلومات في 22 فبراير 2022 من https://edition.cnn.com/2019/09/18/health/babies-gut-microbiome-birth-vaginal-c-section-intl/index)
¹⁰ الجمعية الأوروبية لأمراض الجهاز الهضمي العصبي والحركة. تتطور الكائنات الحية الدقيقة في أمعاء الرضع على ثلاث مراحل. آخر مراجعة للمعلومات في 5 مارس 2022 من https://www.gutmicrobiotaforhealth.com/infant-gut-microbiota-develops-in-three-stages/
¹¹ ماديسون، أ وآخرون. الإجهاد، والاكتئاب، والنظام الغذائي، والميكروبات المعوية: التفاعلات بين الإنسان والبكتيريا في جوهر علم المناعة النفسية العصبية والتغذية. مجلة Curr Opin Behav Sci. آخر مراجعة للمعلومات في 5 مارس 2022 من https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC7213601/}